
لكن دراسة جديدة من جامعة كولومبيا، نُشرت في مجلة Current Biology، أظهرت أن الدماغ يشكل "فهرسًا" للذاكرة لا يعتمد فقط على الحقائق الخارجية، بل أيضًا على توقعاتنا وحالتنا الداخلية.
الذاكرة ككتاب بفصول
يوضح الباحثون أن إدراك اليوم يمكن مقارنته بقراءة كتاب. كل "فصل" يتشكل ليس فقط من الأحداث، بل أيضًا مما كنا نتوقعه. على سبيل المثال، انتظار لقاء أو امتحان قادم يصبح بمثابة "عنوان" يجمع حوله الدماغ الذكريات.
هذا النهج يغير فهمنا لكيفية تنظيم الذاكرة لتجاربنا. فنحن لا نخزن فقط تسلسل الأحداث، بل ننظمها في كتل ذات معنى مبنية على المواقف الذهنية.
دور العقلية والتوقعات
العقلية — أي الموقف الداخلي أو الحالة الذهنية — تلعب دورًا أساسيًا. فإذا بدأ الشخص يومه بفكرة "اليوم سيكون عملًا صعبًا"، سيتم تنظيم الذكريات حول هذه الفكرة. في حالة أخرى، مثل التطلع إلى احتفال، سيُقسم اليوم إلى "فصول" مرتبطة بالتحضير، الترقب، والحدث نفسه.
ويشير الباحثون إلى أن التوقعات تساعد الدماغ على تبسيط معالجة المعلومات: فمن الأسهل أن نتذكر كتلًا ذات معنى مرتبطة بموضوع واحد، بدلاً من تفاصيل منفصلة. وقد يكون هذا الآلية مهمة لفهم كيفية تشكل الإدراك الذاتي للحياة ولماذا يتذكر أشخاص مختلفون اليوم نفسه بطرق مختلفة.
الأدلة العلمية
أُجريت التجارب باستخدام تصوير الدماغ والاختبارات المعرفية. نفذ المشاركون مهامًا يمكن التنبؤ بتوقعاتهم فيها وقياسها. وأظهرت النتائج أن المناطق الدماغية المرتبطة بالذاكرة والانتباه استجابت بشكل أقوى للتوقعات مقارنة بالأحداث نفسها.
ويؤكد العلماء أن هذه النتائج يمكن أن تساعد في فهم أعمق لآليات الذاكرة، وربما في تطوير أساليب جديدة للعلاج لدى الأشخاص الذين يعانون من مشكلات في التذكر، مثل حالات الاكتئاب أو الخرف.
ماذا يعني ذلك لنا؟
- التوقعات تؤثر على كيفية تذكرنا. إن "فهرس اليوم" يتشكل أكثر من أفكارنا الداخلية مقارنة بالحقائق.
- العقلية تصبح بمثابة فلتر للذاكرة. قد تضيع أحداث مهمة إذا لم تتوافق مع الموقف الذهني العام.
- التطبيق العملي. يمكن أن يساعد الوعي بتوقعاتنا في تنظيم يومنا وذكرياتنا بشكل أفضل.
وبالتالي، تُظهر الاكتشافات الجديدة أن تغيير كيفية تذكرنا ليومٍ ما قد لا يتطلب سوى تغيير ما نتوقعه منه.
إخلاء المسؤولية: هذه المقالة لأغراض معلوماتية فقط ولا تُعتبر بديلاً عن استشارة أخصائي مؤهل. إذا كنت تعاني من صعوبات في الذاكرة أو الحالة العاطفية، يرجى مراجعة طبيب أو اختصاصي نفسي.