
لهذا السبب يقوم علماء النفس وعلماء الأعصاب منذ عقود بإجراء تجارب على الشمبانزي والبونوبو والماكاك وأنواع أخرى لفهم السلوك البشري والذاكرة والعواطف والروابط الاجتماعية بشكل أفضل. في هذه المقالة، سنستعرض أشهر الدراسات وما الذي علمتنا إياه عن أنفسنا.
لماذا تعتبر الرئيسيات مهمة لعلم النفس
القرب الجيني من الإنسان (أكثر من 98٪ من الحمض النووي مشترك مع الشمبانزي) يجعل الرئيسيات نموذجًا فريدًا لدراسة العمليات الإدراكية. فهي مثلنا تُشكل مجموعات اجتماعية، وتحل النزاعات، وتُظهر التعاطف، وحتى تستخدم الأدوات. هذا يسمح للعلماء باختبار فرضيات حول أصل الأخلاق والإيثار واللغة.
تخيل مجموعة من الشمبانزي، يحصل أحدهم على قطعة تفاح بينما يحصل الآخر على خيار. أظهرت التجربة أن القرد "المغبون" رفض المكافأة احتجاجًا على الظلم. أصبحت هذه الحالة مثالًا كلاسيكيًا على الشعور بالمساواة لدى الحيوانات.
تجارب كلاسيكية
هاري هارلو و"أمهات القرود"
في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، أجرى عالم النفس هاري هارلو تجارب على صغار الماكاك. أنشأ "أمّين": واحدة من السلك مع زجاجة حليب، وأخرى ناعمة بلا طعام. اختارت الصغار الثانية في الغالب، مما يثبت أن التعلق لا يعتمد فقط على الغذاء، بل أيضًا على الحاجة إلى الدفء والأمان (PubMed).
فرانس دي فال والإحساس بالعدالة
درس عالم السلوك الهولندي فرانس دي فال سلوك قرود الكبوشي. عندما لاحظت القرود أن أحدها يحصل على عنب مقابل نفس المهمة بينما الآخر يحصل على خيار فقط، رفض القرد "المغبون" التعاون. أثبتت هذه الدراسة أن الشعور بالعدالة له جذور تطورية عميقة.
الرئيسيات واللغة
أمثلة مشهورة: الغوريلا كوكو التي أتقنت مئات الإشارات، والبونوبو كانزي الذي فهم اللغة الرمزية. أظهرت هذه الدراسات أن الرئيسيات قادرة على التفكير المجرد وحتى على عناصر من التواصل الرمزي (PubMed Central).
أبحاث حديثة
اليوم يستخدم العلماء طرقًا أكثر إنسانية: الملاحظة، تصوير الدماغ، والمهام التفاعلية. على سبيل المثال:
- تُظهر القرود التعاطف – حيث تُواسي الآخرين بعد النزاعات.
- الشمبانزي قادر على التخطيط طويل المدى من خلال الاحتفاظ بالأدوات لاستخدام مستقبلي.
- بعض الأنواع تُظهر إدراكًا للانعكاس في المرآة – وهو علامة على الوعي الذاتي (WHO).
الأخلاقيات والتحديات
تُنتقد اليوم العديد من التجارب القاسية في الماضي. تسعى العلوم الحديثة إلى أساليب غير عنيفة وتقليل التدخل. بدلاً من المواقف المجهدة، تُستخدم الألعاب والألغاز والملاحظات في البيئة الطبيعية. هذه الأبحاث ليست أكثر إنسانية فحسب، بل تُعطي نتائج أكثر دقة أيضًا.
ماذا يعني ذلك للإنسان
ساعدت التجارب على الرئيسيات في فهم أن العديد من الصفات التي نعتبرها "إنسانية بحتة" لها أساس بيولوجي:
- الإحساس بالعدالة والأخلاق؛
- التعاطف ورعاية الضعفاء؛
- القدرة على تعلم اللغات والرموز؛
- المعايير الاجتماعية والتعاون.
ما رأيك: إذا كان لدى القرود إحساس بالعدالة والتعاطف، فما الذي يجعلنا حقًا بشرًا؟ هل هو اللغة، الثقافة، أم شيء آخر؟
الأسئلة الشائعة
هل يمكن مقارنة سلوك القرود مباشرة بسلوك البشر؟
ليس دائمًا. رغم قربها منا، يتمتع البشر بثقافة ولغة ونظام قيم أكثر تعقيدًا بكثير.
هل من الأخلاقي إجراء تجارب على الرئيسيات؟
تحظر المعايير الحديثة التجارب القاسية. يجب أن تكون الأبحاث إنسانية قدر الإمكان.
هل يمكن للرئيسيات أن تتعلم الكلام؟
لا، تشريحها لا يسمح بالنطق البشري، لكنها قادرة على استخدام الإشارات والرموز.
الخلاصة
كانت التجارب على الرئيسيات خطوة أساسية في فهم ما يجعلنا بشرًا. لقد أظهرت أن جذور الأخلاق والتعاطف والتعاون أعمق مما كنا نظن. وفي الوقت نفسه، تذكرنا العلوم بمسؤوليتنا: عند دراسة الحيوانات، يجب أن نحترم طبيعتها وحقها في الحياة.
إخلاء المسؤولية: هذه المادة لأغراض إعلامية فقط ولا تُعتبر بديلاً عن الاستشارة المهنية. إذا كانت لديك أعراض، يرجى استشارة طبيب نفسي أو طبيب.
برأيي، إن التجارب على الرئيسيات ليست مجرد علم عن الحيوانات. إنها وسيلة للنظر إلى ماضي البشرية وفهم أصول عواطفنا ومعاييرنا الاجتماعية. ولكن من المهم أن نتذكر أن أي بحث يجب أن يراعي المبادئ الأخلاقية واحترام الكائنات الحية.